جحا .. هذا الشخص الذي حيَّر العالم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه.. فهل هو شخصية حقيقية أم لا؟ وهل هو شخصية واحدة أم أكثر؟ هل هو عربي أم تركي أم فارسي أم من بلاد الواق واق؟
تشير الدلائل إلى أنه شخصية حقيقية إلا أن أمماً ثلاث قد تنازعت على انتسابه إليها ، فالأتراك يرون أنه منهم واسمه نصر الدين وكان يعيش في عهد السلطان أورخان وتوجد مقبرته في مدينة (آق شهر) وهي مقصد الزائرين حيث يكثرون الضحك عند قبره ويزعمون أن من يزوره ولم يضحك لم يسلم من مصيبة. كما أن الأزواج الجدد في هذه المدينة يزورون قبره ويدعونه إلى حفل الزفاف وهم يعتقدون أن من يتزوج ولم يدعه لن يوفق في زواجه.
أما جحا العربي فهو رجل من فزارة كان يكنى (أبا الغصن) ومن حمقه أن عيسى بن موسى الهاشمي مر به وهو يحفر بظهر الكوفة موضعاً فقال له: مالك يا أبا الغصن؟
قال: إني قد دفنت بهذه الصحراء دراهم ولست أهتدي إلى مكانها.
فقال عيسى: كان ينبغي أن تجعل عليها علامة.
قال: قد فعلت.
قال: ماذا؟
قال: سحابة في السماء كانت تظللها ولست أرى العلامة!
ومن نوادره انه:
يقول جحا : قابلني بعض المتحذلقين المغرورين وأنا أركب حماري فاستوقفني قائلاً: أين وسط الدنيا ياعالمنا الفذ؟
فأجبت : وسط الدنيا تحت قدميك تماماً.. وإن لم تصدقني ففي الأرض شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً.
إلا أنه لـم يرتدع بهذا الجواب المفحم، فسأل متحدياً : كم عدد نجوم السماء يا أذكى الأذكياء ؟
فقلت له : عددها مثل عدد شعر حماري هذا .. وإن لم تصدقني فعدها ثم عد شعر حماري هذا.
إلا أنه استمر في جداله وسخريته قائلاً : كم عدد شعر ذقني يا ابن النبهاء؟
فأجبت – وقد فاض بي الكيل – عدد شعر ذقنك يساوي عدد شعر ذيل حماري وإن لم تكن مصدقاً فانزع شعر ذيل حماري وشعر ذقنك وقارنهما يا أعلم العلماء وأذكى الأذكياء.